نافذة مصر
لابد من النظر إلى العلمانية عند إرادة تعريفها نظرة شمولية من خلال كافة الإفرازات الثقافية لروادها، ولابد من التعامل مع الظواهر الاجتماعية والثقافية المختلفة وغيرها التي خلفتها، ولابد من الأخذ بعين الاعتبار للأسس الفلسفية التي خرجت من رحمها، ولابد كذلك من فهم السياق التاريخي والثقافي والاجتماعي العام الذي وجدت فيه. وقد غفل عن كل هذا أو بعضه كثير ممن تصدوا للتعريف بالعلمانية. فعرفها بعضهم بأنها فصل الدين عن الدولة، أو فصل الدين عن السياسة. وهو تعريف ساذج قاصر لا يغطي حقيقة العلمانية الغربية، ونسختها العربية المستوردة. واختزالها إلى هذا نوع من التبسيط المخل، باعتراف جمع من العلمانيين. فليست العلمانية قاصرة على السياسة، بل هي شاملة للاقتصاد والاجتماع والأخلاق والفن وفلسفة الحياة وغيرها. بل من الباحثين من يرى أن التعريف السابق تعريف سطحي ومضلل، إذ جذور العلمانية أعمق من ذلك بكثير، وفصل الدين عن السياسة يمثل إحدى الثمار البدائية التي يمكن اقتطافها من هذه الشجرة. وهي تمتد إلى جميع أبعاد شؤون الحياة البشرية، ومنها الحياة السياسية (2).ولهذا عرفها آخرون بأنها فصل الدين عن الحياة (1).وعرفها كورنليس فان بيرسن بأنها تعني: تحرر الإنسان من السيطرة الدينية أولا، ثم الميتافيزقية ثانيا على عقله ولغته. وقال: إنها تعني تحرر العالم من الفهم الديني وشبه الديني، إنها نبذ لجميع الرؤى الكونية المغلقة وتحطيم لكل الأساطير الخارقة وللرموز المقدسة ... إنها تعني أن يدير الإنسان ظهره لعالم ما وراء الطبيعة (3).وعرفها فتحي القاسمي العلماني: بأنها نزعة استقلالية بشرية انبتت على انسلاخ عن سيطرة المفاهيم الدينية على الإنسان )
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق