الاثنين، 30 سبتمبر 2013

قصيدة أسماء إلى روح الشهيدة أسماء البلتاجي



نافذة مصر

كلمات الدكتور/عزت سراج

الأرض تبكي والسماء تنوح

والقلب باك والضلوع جروح

والبنت تضحك في الدماء وتزدهي

فوق الجراح ونبضها تسبيح

تتدافع البسمات فوق شفاهها

والورد تحت خدودها مطروح

والروح والريحان بعض عبيرها

والجسم غض في الندى منفوح

يا رقة الأغصان حين تمايلت

ميساء تخطر في الربى وتشيح

الدر والياقوت بعض حديثها

والخد رطب بالدموع سحيح

أسماء يا أيقونة الحب التي

يشدو بها مستشهد وجريح

النسر أنت ، على الجبال بيوته

وبيوت غيرك في الطيور سفوح

الكوكب الدري أنت مداره

ومدار روحك في السماء طموح

الجود أنت جياده وبحوره

والجود عند صحابه ممدوح

ولقد ذكرتك والرصاص معانق

كل الجوارح والمدى مسفوح

فلتهنئي بالخلد أنت عروسه

حيث الملائك ، والجنان صروح

يا بنت أشرف والد في سجنه

والسجن عند الصابرين فسيح

وأعز أم في الوجود طهارة

والطهر عند العابدات مليح

كيف الرثاء إلى مقامك يرتقي؟

أم كيف يسمو للعلاء مديح؟

أسماء أنت إلى الربيع نسيمه

ومداد فخر للبلاد شحيح

البحر كان نقاءها ونوالها

والنيل كف ، والفؤاد سميح

كانت تحلق كالفراشة كلما

عز المعانق ، والغرام جموح

تتلفت الأحلام خلف ردائها

وتهيم تبكي ، والهيام صحيح

وتبدلت كل المعاني بعدها

وتململت فوق العيون قروح

فالرجل رأس والرؤوس كأرجل

والسقف أرض ، والرصيف سطوح

والشمس ترقد في السحاب كأنها

مرضت فليس لها الصباح جموح

وتجر ذيل كآبة من خلفها

حمراء تغدو في المدى وتروح

تغفو وتكتب لحنها ، وتعددت

من بعدها عند الغروب شروح

تمضي وتسحب شوقها ملتاعة

ولها مع الليل الحزين جنوح

فكأنها ـ عند احتضار نهارها

بين السنابل والمدى ـ مذبوح

وهي التي كانت تجدد صبوتي

وتحيطني بشعاعها وتبوح

وتردد الألحان فوق غمامة

سمراء تشدو في الضحى وتصيح

والريح تعصف بالصخور تغيظا

والبحر ـ يقذف باللظى ـ مجروح

والموج يضرب بعضه في بعضه

وكأنه خيل الفلاة تسيح

والقلب أظلم في الصبابة لوعة

وكأنه عند المساء ضريح

مات النهار صباحه وأصيله

والليل يطغى والمساء كلوح

وتمددت أحشاؤه فوق القرى

لتخيف شيخا هب وهو كسيح

جاءت تدك فؤاده دبابة

تجري تحرم في الردى وتبيح

والليل عربد في البلاد مقامرا

وهو المقنع والظلام مسوح

وامتد ثعبان وعلق ضفدع

واشتد خلف الخائفين فحيح

الخوف والتهديد بعض جنوده

يختال وهو النابح المنبوح

والطفل يفتح صدره في عزة

والخوف من أعماقه ممسوح

يا ليل هذا الصبح ليس بيائس

يا ليل وجهك في النهار قبيح

إن كنت تقتل طفلة فجبينها

فوق الثريا ، والرصاص صفيح

ترقى القتيلة منك تستر عرضها

لكن قاتلها هو المفضوح

أسماء أمست في الخلود فراشة

والمسك من أضلاعها منتوح

صعدت ولم تحضن أباها لحظة

يا ويح والدها الأبي ينوح

ذبحت ولم تغفر لها أحلامها

يا ليت والدها الحبيب ذبيح

يتلفت القلب الكسير لعله

يشتم عطر ثيابها ويبوح

وعبيرها بين الخيام يشمه

ما أطيب الأنسام حين تفوح

تتلعثم الكلمات تخفي حزنه

والدمع ـ يجري في العيون ـ فصيح

نخفي مكامن شوقنا في لوعة

والعين تفضح ، والبكاء صريح

أسماء ماتت يا محمد فاتئد

واصبر فأنت الناصح المنصوح

قد ودعتك على البعاد بقبلة

والقلب ساج في الجوى وطريح

وتعطرت بالعود حين ترقرقت

بين الضلوع إلى المعالي روح

فالدمع لؤلؤ حزنها متعطرا

ودماؤها فوق الرصيف تنوح

هبت ـ على أجفانها مسرورة

في رقة تعلو الترائب ـ ريح

كالبدر بين نجومه مزفوفة

كالشمس تبدو في السنا وتلوح

وهي العروس إلى الجنان تزينت

فالبعد وصل واللقاء يريح

ثم ارتدت فستانها وتعطرت

ليزفها بين الملائك نوح

وثيابها من سندس ، وأريجها

من عنبر ، والزنجبيل صبوح

تسقى بكأس محمد من كفه

ويضمها عند المساء مسيح



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق