الثلاثاء، 3 سبتمبر 2013

مشاهد من رابعة ثلاثة في واحد




ساره آدم
كنت بالأمس في مهمه كلفت بها نفسي نيابة عن الأسرة لإحضار سبب الخاص بالشهيد آدم حاتم من مكتب صحه نصر اول المقابل لمسجد رابعه العدوية بجوار مسجد عبير الإسلام

مررت بثلاث مشاهد كبيره جدا على قلبي

المشهد الأول : إجراءات استخراج الوثيقة وما فيها من تعقيد وتطفيش ورغبه في التشفي وعدم استخراج ورقه رسمية .. والحجج لا تنتهي

روحي جيبي كذا , كذا ناقص , انت ما ينفعش تعملي الطلب ده روحي جيبي أمه أو أبوه .. ولأني كنت أعمل بمكتب صحه من قبل كنت أعرف ان كل هذه تطفيشات فكنت أرد بمثل ما يقولون .. أنا عارفه انه ينفع " طلعيلي اللايحه " انا ماورياش حاجه " لو روحت وجيت ولقيتك مشيتي هاكتب فيكي شكوى .. مش ماشيه الا لما آخدها ..

وكان أكثر ما يضايقها انني لم انكسر أمامها ولم أستجد .. استعنت برئيسها ومرؤوسها لإحراجها وظللت لم أبك حتى استلمت الأوراق ؟؟ وقتها لم احتمل كتابه اسم أخي في مربع المتوفي وتحتها ( طلق ناري في الرقيه ) آآآآآآآآه يا حبيبي المغدور .

حملت أوراقي ولم يصدق الجميع انني أبكي كان قد ظنوني بلا شعور لأني وقفت لها كاللقمة في الحلق

حملت أوراقي التي أثقلتني واعتصرتني وانا استرجع . وانتهى المشهد الأول
المشهد الثاني:
عند خروجي من المكتب من الناحيه الخلفيه شاهدت دمارا رهيبا رغم بعد المكان عن المسجد
كيف وصلت النيران الى هنا وبهذه الكثافه .. سيارات باالكومه محروقه . متجر بسيط كان الرجل يسترزق فيه بحثت عنه وظننت اني ضللت الطريق فسألت عنه فأجابني جاره ويده على خده : الجيش حرق الكشك كله . . الكشك لم يعد موجودا لا اثار لتفحمه حتى ..

ظننت انني اهذي لكنه قال لي .. دول قطعوا الخيام اللي كانت هنا وحرقوها وقتلو الجدعان الطيبين اللي فيها. وقص علي أهوالا

مشتل السعاده الذي كان ملحقا بمحل الزهور أصبح رمادا والمحل تفحم

زهوره واشجاره رماد .. أرض بور كانها لم تحيا يوما؟؟ قمت بتصويرها وألحقت الصوره بالتدوينه

على أحد الحوائط حيث كان ارتكاز أحد الخيم بوستر مكتوب عليه مشروع شهيد.. ملطخ بالدماء

عبرت الطريق بكثير من التخوف والأسى نحو المسجد والصينيه .. تذكرت الخيام التي كانت عنا رشاشات المياه والبشر والصلاه .. الحرق أخد كل الأشجار التي كانت في المنتصف الرماد والدمار في كل مكان

المسجد وضعوا عليه أشياء تدل على انهم في طور الإصلاح.. وهذا دفعني للمزيد من التقدم . شعرت أنها اللحظات الاخيره للمعالم القديمه.. ممنوع تتدخلي.. تحايلت ودخلت من باب آخر.. مررت بمكان المنصة ووقفت عنده حيث مدرعه الجيش وقرئت الفاتحه لذلك الماسك بالميكرفون يردد .. تعبتوا لالالا اسعاف يمين.. كل واحد ياخد باله من عياله يا جماعه احنا كتير

دخلت الى المسجد ورأيتهم قد بنوا أعمده لإعادة بنائه قبحت المكان رأيت آثار الحريق والرماد في كل مكان كل الحدائق صارت رمادا . بقايا المتظاهرين كانت لا تزال .. بواقي بطاطين ..بواقي أحذية . بصل وزجاجات مياه .. صور لمرسي مقطعه .. نسخه من كتاب أحياء علوم الدين محرقه .. مصاحف محروقة.. والمسجد يا الله يا الله .. المسجد المستباح يفطر القلب حوائطه . والمحراب محروق

فزعتني الطرقات المليئة بآهات سمعت في أذني صرخات وأنات تكاد تصيبني بالجنون وتشهدات

استطعت أن أميز بدقه وسهوله .. هنا طعام متعفن .. وهنا رائحه رماد . وهنا رائحه شهيد.. والله كانت مميزه حتى انني كنت ادقق بحثا عن دماء ؟ رائحه تشبه رائحه آدم حين ادخلوه علينا

دخلت المستشفى الميداني وكأنها كهف مظلمه من الحروق على الجدران رأيت بواقي أدويه لم تحترق يتشاجر عليها الأوباش ثم يتراضون ورأيت محلولا على حامل رغم ما اعتلاه من رماد ميزت انه مأخوذ حتى نصفه فقط توقفت عنده ورأيت فيه معنى الحياه التي كانوا ينازعون عليها ,, وسلبت منهم

صورت فيديو وأثناء تصويري قال لي أحد العاملين بشركه الإصلاحات .. ابعتي على النت وكده للناس عشان بيقولو الناس اللي كانت بتتظاهر هي اللي حرقت .. طاب حد بيحرق الادويه والعيانين بردوا قلت له .. أنت مصورتش ليه وبعت انت قالي : انا جبان انت اشجع مني. لولا لقمه العين ماعتبش هنا
رايت بواقي يجرفونها بالجاروف الكبير .. ويجرفون معها ذكرياتي وبواقي أحلامي

جلست بجوار السلم المحترق . اتى رجل واضح انه مسئول : قاعده كده ليه يا حاجه قايمه هو .. انا بس بودع المكان واخويا اللي اتقتل ؟ قالي روحي يا ماما اقريله الفتحه وادعيله وابتدي من جديد؟؟؟؟
وانتهى المشهد الثاني
المشهد الثالث
في التاكسي من امام الركام الجميل أخذ يثرثر عن أخطاء مرسي والإرهابيين حاولت ان اتناقش لكنه كان غبيا كفايه بحيث لا يسمع قاطعته : اسكت او نزلني مش عايزه اسمع حاجه انا اخويا مات هنا

ما انا فهمت كده من الأسود اللي انت لابساه .. واكمل ثرثراته دون ان ينتبه انه لم يقل البقاء لله
وشتم كل من تتوقعون ثم شمت في موت بنت البلتاجي وأخذ يسخر بصوره هستيرية ويضحك ويدعو عليه بالعذاب
طلبت منه ان يركن على جنب لكنه لم يستجب كان الطريق مزدحما والسيارات تمشي ببطئ ففتحت الباب ونزلت دون ان يتوقف

فرملت السياره ووقعت ارضا ثم نهضت وعدت لسيارته ورزعت الباب الذي تركته مفتوحا وقلت له : في ستين سلامه

شتم البلتاجي وشتمني بالفاظ نابيه يعاقب عليها القانون وسب الدين وطالبني بالاجره وطالبته بباقي الخمسه جنيه والشارع بين مستهجن صامت وبين آخذ عليه وقاحته وانصرف بعد ان اخذ يمجد السيسي وهتفت في وجه يسقط حكم العسكر واسكتني الناس خوفا مني او علي لا ادري.. جلست على الرصيف من جديد ووجدت في يدي زجاجه مياه لا ادري من اعطاهاني

نهضت ابحث عن تاكسي فوجدت أحد السائقين ينظر الي دامعا حزينا وقال :انا مستنيكي رايحه فين

ركبت معه ولم اتحدث حتى وصلت وعند النزول قال لي : شدي حيلك انت كنت اقوى منه

وانتهى المشهد الثالث


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق