الجمعة، 22 نوفمبر 2013

الدكتور محمود حسين يكتب : الإخوان المسلمون وقانون الانقلابيين ( زليخة سابقا)



نافذة مصر
رحم الله الشهيد احمد ياسين الذي كان يرى ان ما جاء بكتاب الله عن بني إسرائيل ليس رواية أحداث بهم وإنما استنبط منها سنة الله وقانونه على بني إسرائيل وان سنوات التيه الأربعين لم تكن مصادفة وإنما هي دورة لهم كل أربعين سنة وبالتالي تنبأ بحدوث تغيير كل دورة وان زوال دولتهم بإذن الله ستكون خلال العشرة سنوات القادمة، تذكرت هذه الرؤية وأنا أتأمل ما يحدث من الانقلابيين وما نقرؤه من قصة يوسف عليه السلام وزليخة امرأة العزيز ويبدو ان القصص القرآني يتجاوز الحدث ليخبرنا عن سنن الله مع الشعوب وما جبلوا عليه وأرجو ان تعيش معي هذه الخواطر
امرأة العزيز تتهيأ ليوسف عليه السلام وتغلق الأبواب وهذا المشهد بالتأكيد لم يغب عن غلمانه وجواريه وهم يرون المشهد بل ويساعدون عليه ثم يأتي زوجها على مرآي ومسمع ممن في القصر والجميع يرون كيف شوهت امرأة العزيز سمعة يوسف عليه السلام وتتهمه بالتخطيط والتدبير للإساءة إليها ولا تحتاج لإثبات هذه الاتهامات " ما جزاء من أراد بأهلك سوءا إلا ان يسجن أو عذاب اليم" والعجيب الا يراجعها احد أو حتى تقيم الدليل على اتهامها أو تترك الحكم للقضاء (قارن بين هذا الموقف وما نراه من طلب تفويض أو أمر يحدد هو صفة التفويض لكي يواجه ما سماه هو عنف محتمل) ويأتي شاهد واحد فقط من أهلها ليقر قاعدة عقلية ومنطقية للتأكد من الاتهام " ان كان قميصه قد من قبل فصدقت وهو من الكاذبين وان كان قميصه قد من دبر فكذبت وهو من الصادقين" ورغم قوة هذه الحجة الا أنها مرت أمامهم جميعا دون اعارتها اهتماما اللهم الا لتبرئة نظرية لا يترتب عليها قرارا بل كان القرار عكس نتيجة التحقيق " انه من كيدكن ان كيدكن عظيم يوسف اعرض عن هذا واستغفري لذنبك انك كنت من الخاطئين " ( الا يذكرنا هذا بموقف الإعلام المصري والنيابة والقضاء والذي تنتهي قراراته عكس ما يقدم له من أدلة ) والعجيب ان موقف الزوج يشابه موقف بعض النخبة المصرية والتي تري الحقيقة وأدلتها ولكنها تتعامي عنها ثم تحدث المأساة ويشيع الخبر في المدينة ويعلم الجميع ان امرأة العزيز تراود يوسف عن نفسه بل ويتداولون الخبر " وقال نسوة في المدينة امرأة العزيز تراود فتاها عن نفسه قد شغفها حبا انا لنراها في ضلال مبين" وهم هنا يصفون الموقف بجلاء ودقة وتخشي امرأة العزيز فتقيم الدليل لهم بعذرها في عشقها " .... فلما راينه أكبرنه وقطعن ايديهن وقلن حاش لله ما هذا بشرا ان هذا الا ملك كريم " (قارن بين هذا الموقف وقناعة المغيبين بكذب الانقلابيين وصدق الاخوان ثم تجد أعذارا من نوع : باعونا في محمد محمود - أخطاء الاخوان في الحكم - المسيرات تؤدي لتعطيل مصالح الناس ....الخ ) ثم تعلن امرأة العزيز قرارها بجرأة عجيبة " ولقد راودته عن نفسه فاستعصم ولئن لم يفعل ما أمره ليسجنن وليكونا من الصاغرين " ثم تنتقل هذه الجرأة إلى بجاحة ممن بيده القرار " ثم بدا لهم من بعدما رأوا الآيات ليسجننه حتى حين " أليس هذا عجيبا بعد ثبوت الأدلة على براءته ان يكون القرار بهذا الشكل أم ان إقرار النسوة بعذرها وسكوت الزوج وقبول مجتمعي لذلك اغرى أصحاب القرار باتخاذ قرارهم ( أليس هذا الموقف مشابه لقرارات رجال النيابة والقضاء والشرطة بعد رؤية الأدلة بالاعتقال والحبس وتجديده ...الخ بعد ان ملئوا الدنيا صياحا بإرهاب الاخوان وحملهم للأسلحة فإذا بهم يعتقلون الآلاف دون ان يمسكوا بعصاة مع أحدهم ودون أي مقاومة ) وأعجب أكثر حين اتذكر استشهاد ذلك الرجل الرباني المرشد العام (نحسبه كذلك والله حسيبه) بان الاخوان يحاكمون بقانون زليخة في أكثر من مناسبة في لقائه مع العسكر وكان الله يريد ان يقيم عليهم الأدلة بما سيقومون به بعد ذلك.
إذا سارت فئات كثيرة من المجتمع في اتجاه واحد فقط هو معاقبة يوسف عليه السلام على صدقه وما منحه الله من جمال وانقسم المجتمع الى:
من اتهم يوسف ويعلم ببراءته. ( الانقلابيين )
من وافق على هذا الاتهام وقد اتضح له الموقف ( المغيبين)
من سكت ولم يجرؤ على إظهار الحق. ( الصامتين )
من نفذ الحكم مع علمه بانه جائر. ( جنود الانقلاب ورجال النيابة)
من حاول إيجاد الأعذار واتبع هواه. ( النخبة - علماء الضلال - المنتفعين)
ولكن هل استمر الموقف على هذا النحو أم تغير بعد ذلك حين تحققت:
١- رغبة حقيقية للملك بإصلاح شان البلاد وغلبة هذا الهم عليه حتى في منامه
٢- شعور الملك بصلاح يوسف عليه السلام وكذب الاتهامات الموجهة له وظهر ذلك من شهادة زميله في السجن ومن تأويله للرؤيا رغم ما اصابه من ظلم بل واستمرار هذا الظلم
٣- إصرار يوسف عليه السلام على اظهار الحقيقة قبل خروجه وكان شرطه " ما بال النسوة اللاتي قطعن ايديهن"
والعجيب هذا التغير المفاجئ في المناخ كله فالنسوة يقولن " قلن حاشا لله ما علمنا عليه من سوء" وامرأة العزيز تقول " الآن حصحص الحق أنا راودته عن نفسه وانه لمن الصادقين " ولم يذكر القران آراء المجموعات التي ذكرناها من المجتمع لان قرارها ليس بيدها وتغيرت تلقائيا بتغير المناخ ولذلك يتساءل البعض كيف يكون الموقف والتعامل بعد انكسار الانقلاب بإذن الله وهناك فئات من المجتمع ما زالت مغيبة أو مشاركة في الظلم ...الخ أقول ان كتاب الله أغفل ذكرهم لأنهم قبلوا الا يكونوا رقما في المعادلة وان يكون امعات تحركهم الشهوات والاخرين دون وعي او ادراك ولذلك أقول للمشفقين على المستقبل بان الله سيكشف الحجب عن هؤلاء المغيبين ليروا الحقيقة لكن لسبب يعلمه الله عز وجل لا يريد ان يكتب لهم جزاء الوقوف مع الحق والدفاع عنه الا ان يسارعون بالعودة لربهم واعمال عقولهم وعدم اعمال قانون زليخة والوقوف بجانب الحق ضد الباطل.
د. محمود حسين احمد
الامين العام لجماعة الاخوان المسلمين


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق