الثلاثاء، 26 نوفمبر 2013

د. بشر في حوار شامل: لا تنازل عن الشرعية ومتمسكون بالرئيس والدستور والبرلمان


كتب - إسلام توفيق

أهم ما جاء في الحوار :


· نتحدث عن إعادة مجلس الشعب كجزء من الشرعية الكاملة لأنه تم حله بقرار سياسى

· لا نملك التنازل عن الرئيس مرسى لأنه منتخب من الشعب.. ولا أحد يملك التنازل عن إرادة الشعب

· الرئيس مرسى بصموده وثباته أصبح زعيمًا ورمزًا للشرعية الدستورية والقانونية

· نسعى لبدء مشروع وطنى جامع دون إقصاء أحد من أجل مصر

· وجهنا رؤيتنا إلى الشعب ولم نتوجه بها إلى الانقلابيين أو حكومة الانقلاب

· الأزمة فى مصر الآن بين فريقين أحدهما يدافع عن الثورة ومكتسباتها والآخر يريد إعادتنا لعهد المخلوع

· حل الأزمة يبدأ من حوار يصل بنا لمصالحة وطنية حقيقية مبنية على الشرعية الدستورية الكاملة

· بدأنا خطوات التواصل مع قوى شبابية وسياسية وثورية ومجتمعية طبقًا لما أقرته الرؤية الإستراتيجية

· مبارك تنحى وأعطى حينها شرعية للمجلس العسكرى الذى استفتى الشعب على خارطة الطريق

· أتوقع أن تراجع المؤسسة العسكرية نفسها خاصة فيما يتعلق بقتل الشعب والانقلاب على الشرعية

· انقلابهم لا يكتسب شرعية والشعب لم يقل كلمته فيه والاستفتاء على "الدستور الظلامى" باطل

· السيسى رفض الخيارات الديمقراطية لتحقيق مطالب من نزلوا فى 30 يونيو وأصر على الانقلاب

· لا تفريط ولا مساومة على دماء الشهداء ونطالب بتحقيقات عاجلة ومعلنة فى كل الجرائم منذ ثورة يناير

· طالبنا مع بدء الوساطة بمعايير ومبادئ معلنة حتى لا يقال إننا نبيع أو نفرط أو نجرى صفقات من وراء الشعب

· ندعو إلى أن يراجع الجميع مواقفهم وتجاربهم لإعادة البناء على أسس سليمة تكفل تحقيق أهداف الثورة

· عندما يكون السيسى هو المرشح الرئاسى المحتمل نكتشف أنه انقلب من أجل الكرسى

· الاتهامات الموجهة إلينا بالعنف عارية عن الصحة والجماعة بريئة مما يزعم الإعلام

· رابعة.. علامة ومحطة تاريخية على مجزرة لم تحدث سابقا فى تاريخ مصر

· التاريخ لن يرحم من ينتهكون أبسط حقوق الإنسان ولن يفلتوا من المحاسبة مهما طال الزمن

· قتلة الثوار لن يرحمهم التاريخ ولن يفلتوا من المحاسبة مهما طال الزمن

· الانقلاب باطل وكل ما بنى عليه من إجراءات غير شرعية وباطلة قانونًا

· قادة العسكر انقلبوا على الشرعية ليعود بالبلاد إلى حكم الفرد الواحد المستبد

· نطالب بتوحيد الاصطفاف الوطنى ضد الانقلاب الدموى لاستعادة المسار الديمقراطى

· كان يجب على القضاء أن ينأى بنفسه عن التورط فى هذا الانقلاب الغاشم

· أعطينا مهلة أسبوعين دعونا فيها كل أبناء الشعب المصرى للحوار لضمان الجدية

· خلافاتنا مع السيسى وليس المؤسسة العسكرية التى نحرص على تماسكها وقوتها

· الشعب المصرى ذاق الحرية ولن يتنازل عنها ولن تجدى معه الحلول الأمنية

· الإخوان دعوة وروح تسرى فى جسد الأمة ولن تموت أو يقوم أحد بحلها



وإلى نص الحوار.


** كيف ترى أحداث محمد محمود 19 نوفمبر الجارى؟ وهل كان موقف التحالف الوطنى موفقا بعدم النزول لميدان التحرير؟

أحداث محمد محمود تعيد للأذهان ما حدث فى عام 2011؛ حيث إننا فى خط واحد؛ حيث يتظاهر الثوار رغبة فى تحقيق أهداف ثورة 25 يناير، وبين فريق آخر يحاول أن يعاقب الشعب على ثورته التى قام بها، ولا يعترف بحق الشهداء، ولا حق المصريين فى تحقيق أهداف ثورتهم.

وهو ما وجدناه من اعتداءات من جانب الداخلية على الثوار، وهنا يجب التأكيد أن المسئول عن هذه الأحداث ليس فقط وزارة الداخلية، وإنما المجلس العسكرى آنذاك أيضا باعتباره شريكا فى حفظ الأمن والحاكم للبلاد وقتها، كما أنهم مسئولون أيضا عن خلق المناخ المؤدى إليه بعدم الاستجابة للإرادة الشعبية، قبل أن يتم الاعتداء على أهالى الشهداء والمصابين وطوائف الشعب إلى شارع محمد محمود، حتى ارتقى منهم أكثر من 40 شهيدا.

وما حدث منذ أيام، قريب الشبه؛ حيث خرج الثوار يؤكدون مطالبهم بتحقيق أهداف ومكتسبات ثورة 25 يناير، لعودة الأمور كما كانت عليه قبل الانقلاب العسكرى على الرئيس المنتخب والدستور المستفتى عليه، وهو ما يرفضه الشعب الذى يريد تحقيق حريته وكرامته بخروجه يوميًا فى مظاهرات حاشدة رافضًا للانقلاب ومطالبًا بعودة الشرعية الدستورية والقانونية.



** ولكن أصابع الاتهام موجهة إلى جماعة الإخوان المسلمين بإشعال فتيل العنف؟



الإخوان المسلمون فى الفترة الحالية توجه لهم اتهامات باطلة، ولكن الشعب المصرى واع ويعلم جيدا أين الحقيقة، ويعلم أن الاتهامات الموجهة إلينا عارية تمامًا عن الصحة وأثبتت التحقيقات التى تمت فى عدة أحداث أن الجماعة بريئة مما يزعمون، كما حدث فى أحداث كنيسة المنيا وكنيسة الوراق والاعتداء على فيلا الكاتب الصحفى حسنين هيكل.



** لماذا إذًا الزج دائمًا باسم الإخوان؟



الهدف من ذلك هو شق الصف الثورى، ولذلك كان رأى التحالف الوطنى لدعم الشرعية ورفض الانقلاب هو نزع الفتيل وترك الفرصة لبقية قوى الثورة لإحياء الذكرى والتأكيد على مطالبهم، وسنشاركهم الذكرى ولكن فى مكان آخر، وهو ما تم بالفعل.



** هل ترى ما حدث مؤخرًا من تنسيق مع القوى الثورية بداية لعلاقة جديدة بينهم وبين الإخوان؟



بالتأكيد، وحدث ذلك من قبل أيام من إحياء ذكرى محمد محمود، والتأكيد فيما بيننا على أهمية التوحد والتصدى للانقلاب العسكرى.

هنا أحب أن أشير إلى أن ما يشغلنا الآن هو محاولة تقارب الصف الوطنى والثورى من كافة أطياف المجتمع ممن شاركوا فى ثورة يناير، وجاء قرار التحالف بناء على هذا الاتفاق الذى اعتبره اللبنة الأولى لإعادة اللحمة بين القوى التى شاركت فى الثورة، وسيتبعها خطوات أخرى قريبا من أجل إعادة مكتسبات ثورة يناير والقصاص لدماء الشهداء.



** كيف كان هذا التنسيق وما أبرز القوى التى تم التواصل معها؟



شباب الجماعة والتحالف الوطنى تواصلوا مع كل الذين يعرفونهم ممن شاركوا معهم من قبل فى ميدان التحرير ومحمد محمود، ولا أريد أن أسمى أشخاصا أو كيانات، ولكن كلنا هدفنا واحد هو تحقيق أهداف ثورة يناير من عيش وحرية وعدالة اجتماعية وكرامة إنسانية.

ومن ثم التواصل معهم كان بداية، سيتبعه مواقف وإجراءات أخرى، وهو الأساس الذى تم على إثره صياغة الرؤية الإستراتيجية للتحالف.

** هناك اتهامات للجماعة أنها تلجأ للقوى السياسية مع كل أزمة حتى تنتشلها من أزمتها؟

التواصل مع القوى السياسية المختلفة لا بد أن يتضمن ويناقش آليات حسم الخلافات فيما بينها؛ حيث إن الحسم الذى تم من خلال الأغلبية لم يكن مناسبا بشكل كاف للمراحل الأولى للديمقراطية، ونؤكد هنا أننا لن نقصى أحدا من هذا الحوار رغبة فى جمع الصف الوطنى كله من أجل مصر.

** كيف ترى حقيقة الأزمة فى مصر؟

نحن نرى أن الأزمة فى مصر بين فريقين، أحدهما يدافع عن ثورة 25 يناير ومكتسباتها وأهدافها، والآخر يريد أن يعيدنا إلى عهد نظام المخلوع مبارك بشكل جديد.

** لماذا هذا اللغط الذى صاحب الرؤية الإستراتيجية التى أصدرها التحالف؟

أحب أن أؤكد أنها ليست مبادرة، وإنما هى رؤية التحالف التى يسير عليها منذ البداية، ولكن البعض فهمها خطأ، فتصورت الحكومة الانقلابية أنها موجهة لها، والأمر ليس كذلك، كما تصور المجلس العسكرى أنها موجهة له وهو أمر غير صحيح، فنحن لم نوجه رؤيتنا إلى كل من قام بالانقلاب أو شارك فيه.

نحن وجهنا رؤيتنا إلى الشعب المصرى كله لإيصال رسالة أن موقف التحالف الذى نسير عليه مكتوب الآن برؤية سياسية واضحة من خلال وثيقة تصف المشهد الحالى وما آل إليه من أحداث وماهية الحلول التى نقترحها، فى ظل اصطفاف وطنى حرصا على الصالح العام للبلاد، ورغبة فى إعلاء مصلحة الوطن فوق كل اعتبار أو فصيل أو مآرب حزبية، كما أننا نسعى إلى توسيع الاصطفاف الوطنى لمواجهة الانقلاب.

وتتضمن الرؤية الإستراتيجية التى أعلناها مبادئ عامة مثل احترام إرادة الشعب واحترام الشرعية الدستورية والقصاص للشهداء، وهى أمور تمثل أسسا عامة تدفع نحو نهضة الوطن، وكان إصدار الوثيقة من أجل طرحها للحوار مع كل أطياف الشعب.

** ولكن قيل إن الوثيقة لم تكن متوافقا عليها من كل مكونات التحالف؟

هذا غير صحيح، فكلنا على قلب رجل واحد، وكلنا نطرحها للحوار مع الشعب المصرى كله، وكل من شارك فى ثورة يناير.

** وماذا عن الدعوة لمن شارك فى الانقلاب؟

من شارك فى الانقلاب نوعان، الأول شارك فى البداية لخلافات مع الرئيس محمد مرسى، واكتشف بعد 4 أشهر أن انتفاضته لم تكن لتغير شيئا، ولن تعود البلاد إلى الديمقراطية ولن تعود إلى مناخ الحريات، ويؤدى إلى العودة لما قبل 24 يناير، ويراد بمصر إلى العودة إلى نظام مبارك، وهؤلاء يراجعون موقفهم من الانقلاب، وهؤلاء مرحب بهم وبعودتهم، بعدما اكتشفوا الحقيقة وأن الانقلاب لم يحقق لهم ما يريدون.

وهنا يجب التفرقة بين المشاركين فى 30 يونيو والذين خرجوا مطالبين بانتخابات رئاسية مبكرة، أو استفتاء على بقاء الرئيس مرسى، ولكنهم لم يكونوا يريدون عزل الرئيس ولا تعطيل الدستور ولا حل مجلس الشورى ولم يكن يريد عنفا، وهى الأمور التى جرت فى 3 يوليو.

كما أن هذا الفصيل اكتشف بعد الانقلاب أن الجيش يطلب تفويضا لقتل شعبه، ورأى الشرطة تفض الاعتصامات بالقوة وتقتل وتحرق الجثث، وعاد عن رأيه، وهؤلاء مرحب بهم.

أما من شارك فى الانقلاب ويريد الاستمرار فى جرائمه ويسعى لخراب مصر وتدميرها والعودة بمصر إلى الوراء مع هذا الانقلاب، فهؤلاء ليس لهم علاقة بالحوار.

** وماذا عن الكنيسة والمجلس العسكرى وجبهة الإنقاذ؟

لم يجروا أى اتصالات بالتحالف الوطنى لدعم الشرعية حتى الآن، ولكننا طرحنا هذه الرؤية ليعلم هؤلاء أننا لا ندافع عن شخص بعينه ولا ندافع عن مكسب شخصى، ولكننا ندافع عن أهداف ثورة 25 يناير ونضحى من أجل ذلك حتى تستعيد مصر حريتها ومكانتها بأيدى أبناء مصر كلهم.

** وهل يعنى طرح هذه الرؤية الإستراتيجية نهاية وساطة المستشار محمود مكى النائب السابق للرئيس؟

الرؤية الإستراتيجية شاملة فى أهدافها القبول والترحيب بالوساطة، ولكن هذه الوثيقة تمثل بداية لهذه الوساطة، حيث إننا قدمنا رؤيتنا للجنة، بتحديد رؤيتنا للأزمة والقيم التى تحكمنا، ورؤيتنا للحل.

ومن ثم فهذه الرؤية تمثل بداية ومقدمة لأى وسطاء، ونحن نعيد ونكرر أننا نقبل بأى وساطة على هذه الأسس والقيم التى تضمنتها الإستراتيجية.

** ولكن المجلس العسكرى لا يزال مهيمنا على الوضع ولا يريد أن يتقدم خطوة نحو المصالحة.. كيف ترى ذلك؟

الانقلابيون يتصورون أن حل أزمة "الشرعية" سيكون من خلال الاستفتاء على الدستور، ولكن هذا لن يحل الأزمة، بينما الحل الوحيد يكون من خلال الحوار المبنى على هذه القيم الحاكمة حتى نصل إلى مصالحة وطنية حقيقية مبنية على الشرعية الدستورية.

وهنا أؤكد أن كل ما يحدث غير شرعى، فمن الذى سيدعو إلى الاستفتاء؟، فالرئيس المؤقت الذى جاء بعد الانقلاب غير شرعى لأنه جاء من تعيين وزير فى الحكومة التى عينها الرئيس مرسى، وهل يعقل أنه بعد تعيين الوزير للرئيس، يأتى الوزير ليؤدى اليمين الدستورية أمام الرئيس الذى عينه؟.

هذه كلها إجراءات غير شرعية، فالرئيس لا تنتهى مدته وفقا للدستور إلا من خلال ثلاثة أمور، إما الموت أو التنحى أو انتهاء المدة، وكلها أمور لم تحدث فى مع الرئيس مرسى.

** أليس الأمر يتطابق مع ما حدث مع المخلوع حسنى مبارك؟

ليس متطابقا، فالمخلوع مبارك تنحى وكلف المجلس العسكرى بإدارة شئون البلاد ونشر ذلك فى الجريدة الرسمية بتاريخ 12 فبراير 2011، وأصبح الكرسى شاغرا رسميا وأعطى بذلك شرعية للمجلس العسكرى الذى استفتى الشعب على خارطة طريق فى 19 مارس 2011.

لا يوجد مكان يخلو إلا بإجراء قانونى حتى تكون الشرعية الدستورية هى الأساس الحاكم والفاصل بيننا، فالشعب اختار رئيسه واختار نوابه فى مجلسى الشعب والشورى، ووافق على دستوره، فكيف يأتى وزير أيّا من كان ويضرب بآراء الشعب المصرى كله عرض الحائط ويقوم بانقلاب على الشرعية.

** ولكنهم يسعون الآن إلى إقامة شرعية بالاستفتاء على تعديلات الدستور؟

ما بنى على باطل فهو باطل، فالرئيس الذى يدعو إلى الاستفتاء غير شرعى، ومن ثم الاستفتاء غير شرعى، والدستور فى الأساس غير شرعى لأن اللجنة التى تقوم بتعديله غير شرعية ولم تأت من الشعب، على عكس لجنة المائة من الجمعية التأسيسية التى وضعت دستور 2012. وهنا يجب التأكيد أن أى إجراءات تبنى على الانقلاب فهى غير شرعية وباطلة قانونا.

** وما العيب فى خارطة الطريق التى يطرحها السيسى؟

لو عدنا خطوة للوراء، سنجد أن المجلس العسكرى هو من وضع خارطة الطريق منذ ثورة 25 يناير وحتى الآن، وهو من استفتى الشعب على الإعلان الدستورى، وهو من أشرف على انتخابات مجلس الشعب ومن بعده انتخابات مجلس الشورى، وهو من أقام انتخابات الرئاسية، وسلم السلطة لرئيس مدنى منتخب.

فما الداعى الآن أن يعود المجلس العسكرى الآن ليضع خارطة طريق جديدة، وهذا يعنى أنه لن يعود لثكناته ولن يرضى إلا أن يكون طرفا فى الحكم، ولو افترضنا أنه سيضع خارطة جديدة، فهو سينقلب عليها مرة أخرى.

نحن نفهم أن المجلس العسكرى جاء بانقلابه ليعود بالبلاد إلى ما قبل 25 يناير 2011، وإلى دولة الفرد الواحد، وإلى دولة الاستبداد، وليس إلى الديمقراطية التى انقلب عليها بعد انتخاب الرئيس.

من الطبيعى أن أى خلافات سياسية تحل بالشكل السياسى والديمقراطية، وليس بالانقلاب على الشرعية.

** وما الحل من وجهة نظر التحالف؟

لن يكون هناك حل إلا بالبناء على ما مضى، فإذا بدأنا الحوار على هذه الأطر والقيم الحاكمة والدستور سنجد حلال لكل الأزمات.

** ولكنهم يقولون إن هذا دستور الإخوان؟

هذا دستور مصر كلها، شارك فيه الجميع واستفتى عليه الشعب كله، وأصبح وثيقة دستورية يمكن البناء عليها.

فإذا كانوا يرون أن كل ما نطرحه لا يلقى قبولا لديهم، فكل ما يقدمونه هم أيضا لا يلق قبولا لدينا، وإذا رأوا أن من خرج فى الشارع هو من يحكم، فالمصريون فى الشارع منذ 4 شهور وسيكملون مسيرتهم.

وللعلم من خرج فى 30 يونيو من كنيسة وأحزاب لم تكن أزمتهم مع الدستور أو مواده، بل شاركوا فى الجمعية التأسيسية حتى آخر يوم ووقعوا على المواد الخلافية ومحاضر الجلسات تثبت ذلك، فالخلاف لم يكن على الدستور ولا طريقة إعداده ولا مواده، وإنما كانت أزمتهم فى وضع مادة انتقالية بإجراء انتخابات رئاسية بعد الانتهاء من الدستور وهى نقطة الخلاف فى 30 يونيو، ويمكن العودة إلى هذا الدستور والنظر فى حلها عن طريق حوار مجتمعى.

** أفهم من كلامكم أنه يجوز الحوار حول وضع الرئيس؟

يجب مراعاة أن الرئيس قد تحول إلى زعيم ورمز للشرعية، كما أنه قد انتخب لدورة كاملة إلا أنه يمكن الحوار حول آلية يمكن من خلالها تحقيق مطالب من خرجوا فى 30 يونيو، سواء بتنحى الرئيس أو بتفويض صلاحياته، وذلك من خلال آليات الدستور وبالموافقة الكاملة للرئيس وبإرادته الحرة، وفى النهاية ستخضع كل هذه الاقتراحات للإرادة الشعبية وموافقة أو رفض الشعب لها من خلال الآليات الديمقراطية المتعارف عليها.

** ولكن الرئيس موجه له تهم؟

الاتهامات الموجهة إلى الرئيس سياسية، وعلى الرغم من ذلك الدستور حدد كيفية اتهام الرئيس وطريقة محاكمته عن طريق ثلثى مجلس النواب، وتشكيل المحكمة الخاصة.

** وماذا عن المواد الخلافية فى الدستور؟

تعرض على مجلس النواب طبقا للدستور.

** أنتم الآن تتبنون خارطة طريق الرئيس مرسى؟

بالفعل، هذا ما قاله الرئيس مرسى قبل الانقلاب عليه، فهو قال إنه من المفترض أن يعرض على مجلس النواب الذى كان مخططا له أن تجرى انتخاباته خلال شهرين وتعرض عليه التعديلات الدستورية، ويعرض عليه الانتخابات المبكرة أو الاستفتاء على بقاء الرئيس، ووقتها سيكون الشعب المصرى من يقول كلمته.

** وهل الشعب لم يقل كلمته فى الانقلاب؟

لم يقل كلمته، فهم لم يأخذوا رأى الشعب فى خارطة طريقهم الانقلابية التى أعلنت فى 3 يوليو ولم يعلم بها الشعب الذى خرج فى 30 يونيو، ومن ثم لا تكتسب الشرعية، فهم انقلبوا على إرادة الشعب ولم يقدموا إرادة جديدة.

** وهل هذا هو السبب وراء تمسكم بالشرعية؟

بالفعل، نحن مع إرادة الشعب المصرى ونحترمها، ولا نرتبط بشخص ولا نعبد أشخاصا، كما أننا نرفض أن يقصى الشعب وإرادته وأن تهدر أصواته التى خرج من أجلها، وهذا يقلقنا على المستقبل.

** اقترح البعض استفتاء على خارطة طريق السيسى كمخرج من الأزمة، هل تقبلون بذلك؟

نحن نقبل برأى الشعب المصرى، فبدلا من إجراء استفتاء الدستور الظلامى الباطل، وإذا رأى الرئيس مرسى ذلك كمخرج كريم من الأزمة أن يجرى استفتاء على خارطتى الطريق وليعرضوا على الشعب الخارطتين، وما سيختاره الشعب ملزم لنا، وفى هذه الحالة يكون الشعب هو من اختار بين الخارطتين، وسأنزل على رأيه إن اختار خارطة السيسى، طالما كانت الإرادة حرة ونزيهة.

كما أنه كانت هناك خيارات ديمقراطية عديدة بناء على إرادة الشعب المصرى، وكان الاستفتاء الأولى منذ البداية هو قبول خريطة السيسى أم لا، إلا أن السيسى دمر العملية الديمقراطية وصادر الحريات ليجرى استفتاء على هواه لأن نتائج الانتخابات الحرة لن تريحه، وجاء بالانقلاب الذى عصف على بكل الخيارات الديمقراطية.

** وهل تشترطون ضمانات معينة لهذا الطرح؟

يجب أن تكون هناك ضمانات حقيقية لضمان نزاهة وحيادية الاستفتاء، ويجب أن يكون هناك مناخ حرية سياسية كما كان مناخ الحرية قبيل استفتاء 2012، وهو المناخ الذى يسمح بإجراء حوارات وإبراز الآراء عن طريق فتح القنوات الفضائية التى أغلقت، فضلا عن ضرورة الإفراج عن المعتقلين السياسيين حتى لا تكون هناك خصومة سياسية.

كما يجب لتهيئة الأجواء تشكيل لجان تقصى حقائق حقيقية فى كل الجرائم التى ارتكبت خلال الفترة الماضية، وذلك كله حتى يطمئن الشعب لمناخ الحرية وإبداء الرأى.

** وهل تقبلون بتقديم تنازلات معينة فى سبيل الوطن؟

نقبل فيما يتعلق بحقوق احزاب وهيئات وليس حقوق شعب وشهداء، ويجب التأكيد أنه لا تنازل عن الشرعية التى خرج من أجلها، وهذا غير مقبول بالمرة.

نحن الآن نتحدث عن إعادة مجلس الشعب أيضا كجزء من الشرعية الكاملة لأنه حل بقرار سياسى وليس قانونى، وأن تقرير المفوضين أقر بحل الثلث، فتم حل المجلس بأكمله، رغم أن هناك 32 مليونا خرجوا فى الانتخابات.

ولا ننسى أن مجمل العملية السياسية منذ ٢٥ يناير وحتى ٣٠ يونيو كانت بموافقة ظاهرة من المجلس العسكرى، ولا يمكن لأى دولة تغير من نظامها السياسى مع كل قيادة جديدة للجيش، وما الذى يضمن عدم انقلاب قيادات أخرى بالجيش على إرادة المصريين مرة أخرى إذا كانت القيادة الحالية لم تحترم الانتخابات والاستفتاءات التى أشرفت هى عليها.

وللعلم أنه فى كل دول العالم إذا حدث خطأ فى الإجراءات يتم تداركه وتصحيحه فى المرات القادمة ولا تهدر إرادة الجماهير التى خرجت وأصواتها التى أدلت بها فى الصناديق.

** هل تتهمون القضاء بالمشاركة فى الانقلاب على الرئيس؟

القضاء به شرفاء كثر، ولكن هناك بالفعل منهم من شارك فى الانقلاب، وعلى رأسهم رئيس مجلس القضاء الأعلى الذى حضر بيان الانقلاب، ورئيس المحكمة الدستورية الذى قبل أن يكون رئيسا معينا بالانقلاب، خاصة أنه اكتسب شرعيته كرئيس لهذه المحكمة من الرئيس المنتخب والدستور المستفتى عليه.

كان يجب على القضاء أن ينأى بنفسه عن هذا الانقلاب الغاشم، وأن يبقى محايدا ولا يكون طرفا، لأنه المكان الذى سنلجأ له كخصوم سياسيين.

** ويبقى السؤال.. هل تجاوبت حكومة الانقلاب أو المجلس العسكرى مع أى مبادرة أو رؤية تقدم بها التحالف؟

لم تتجاوب حتى الآن، ظنا منها أن الاستفتاء على الدستور يغطى على الشرعية الدستورية التى انقلبوا عليها من قبل، وهذا تصور باطل وغير صحيح.

** بذكر الاستفتاء على الدستور.. هل قرر التحالف موقفه النهائى من المشاركة فيه؟

لم نقرر بعد موقفنا النهائى، وإن كنا نعتقد أن من سيذهب إلى الاستفتاء سيرفضه، فضلا عن أنهم ليس عندهم أى تصور عما سيحدث إذا كان رأى الشعب برفض الاستفتاء، عكس ما فعل الرئيس مرسى عندما تسلم نسخة الدستور من المستشار حسام الغريانى رئيس الجمعية التأسيسية التى وضعت دستور 2012، ووضع سيناريوهات التصويت سواء بنعم أو لا.

وهنا لا أجد إجابة عن سؤال: ماذا لو قال الشعب لا على التعديلات الدستورية؟، ولن تجد إجابة لأنهم يضعون مسارا للموافقة فقط، وتزوير الاستفتاء بالموافقة فقط، فهذا وزير الخارجية غير ذى الصفة يخرج ويعلن عن مواعيد الانتخابات وكأن الشعب قال كلمته بـ"نعم"، غير عابئا برأى الشعب فى كل الأحوال.

** وما توقعاتك للمشاركة فى الاستفتاء؟

أتوقع أن من سيذهب للاستفتاء سيقول لا، فالعمال والفلاحون أعلنوا أنهم سيصوتون بلا بعد إلغاء نسبتهم، كما أن بعض القضاة من النيابة الإدارية وهيئة قضايا الدولة يرفضون الدستور وسيصوتون بلا.

كما أن كثيرا ممن يسعون لتطبيق الشريعة، والحفاظ على هوية المجتمع ودوره فى الحفاظ على الأخلاق العامة سيرفضون التعديلات على الدستور لحذفهم أمورا جوهرية لا تلتزم بمبادئ الشريعة الإسلامية ولا تحافظ على هوية المجتمع، كما أن كثيرا من المسيحيين سيصوتون بلا على التعديلات الدستورية كما صرحوا هم بذلك.

وأؤكد أن من سيقول "نعم" فقط هم المزورون أو المغيب إرادتهم.

** تحدثتم عن قبولكم تقديم تنازلات.. ما أهم هذه التنازلات التى يمكن أن تقدمونها؟

من الممكن أن أتنازل كما تنازلت مسبقا خلال الانتخابات القادمة، بألا أترشح على كل المقاعد من أجل الوطنيين المخلصين وأتنازل عن بعض المقاعد التى أملكها، ولكن لا تنازل عن ما هو لا أملكه، بل إننى أدافع عنه وأموت فى سبيله.

** وهل تشمل هذه التنازلات مجموعة من المراجعات الداخلية بالجماعة؟

الإخوان دائما ما يراجعون أنفسهم، والعمل البشرى به اجتهادات، والمجتهد المخطئ له أجر والمصيب له أجران، أما ما يقال عن الاعتذارات فإن هدفه إتمام الإقصاء وليس هدفه المصلحة العامة.

أما إذا كنت تقصد المراجعة بهدف التصحيح، فدائما ما نقوم بهذا من أجل الصالح العام، ولنا فى انتخابات مجلس الشعب فى 2010 دليل عندما خضنا المرحلة الأولى، وتم تزوريها، فامتنعنا عن المرحلة الثانية.

وإذا كنا نتحدث عن المراجعة على الأخطاء، فهذا يتطلب مراجعة شاملة من الجميع، فكل من شارك فى المرحلة الماضية من كل التيارات السياسية، عليه أن يراجع نفسه ويصحح الأخطاء التى وقع فيها بهدف المصالحة، ولكن لا تطلب من الإخوان وحدهم اتخاذ قرار بمراجعات لهم وتترك الآخرين، والمسار الذى ندعو إليه هو أن يراجع الجميع مواقفهم وتجاربهم منذ ثورة 25 يناير، وذلك بهدف إعادة البناء على أسس سليمة تكفل تحقيق الثورة للأهداف التى قامت من أجلها.

** هل قامت الجماعة بتشكيل لجان لمراجعة ما آلت إليه فترة الإخوان وحكمها والثورة وما تبعها من أحداث؟

بشكل مؤسسى لم يحدث، فالانقلاب لم يمكننا من هذا الآن، ولكن التاريخ حافل بكثير من هذه المراجعات.

** أفهم من كلامكم أنه إذا تم تهيئة المناخ ستقوم الجماعة بمراجعات داخلية؟

قطعا هذا سيحدث، كما نطالب الجميع أن يقوموا بهذا، وأن يعى الجميع أننا فى مركب واحد وعلينا أن نصل إلى مشاركة وطنية وبدء مشروع وطنى جامع نعمل عليه جميعا دون إقصاء، وبعد ذلك نفكر فى المنافسة السياسية عبر الصناديق بعد أن تقوى الأحزاب ويشارك شباب الثورة فى الأحزاب ويشتد عودها.

والآن هناك فرصة حقيقية للعمل المشترك يتنازل فيه الجميع عن حقوقهم من أجل الصالح العام للبلاد، وفى سبيل الخروج من الأزمة الحالية.

** نعود للحوار الذى أعلنتم عنه.. مع من تواصلتم فى هذا الحوار؟

أعطينا مهلة أسبوعين دعونا فيها كل أبناء الشعب المصرى، تواصلنا مع الأحزاب والشباب والقوى الثورية والنقابات وأساتذة الجامعات ومراكز البحوث التى يمكن أن تفيدنا بالتجارب الأخرى المشابهة لما نحن فيه بمصر، بحيث نبدأ حوارات ليس مجمعة وإنما حوارات تضم مكونات المجتمع كله.

فالشباب مع بعضهم وكذلك النقابيين وأساتذة الجامعات والسياسيين والأحزاب مع بعضهم والتحالف نفسه يجرى حوار داخلى ويوزع على القواعد رؤيته ويستمع منهم، بحيث يتضح طبيعة الأزمة وطريقة الحل من خلال التشاور، ويتم توسيع قواعد الشورى حولها، ونجمع هذه الأفكار؛ حيث يكون هناك فكرة لمؤتمر وطنى أو حوار وطنى شامل ناتج من رؤية شارك فيها عدد كبير ووسعنا فيها الاصطفاف الوطنى.

الرؤية التى نهدفها ليست فقط للماضى وإنما للمستقبل أيضا، مع مراعاة الشرعية الدستورية والضمانات التى تضمن عدم الانقلاب على المسار الديمقراطى فى المستقبل، وكذلك مراعاة حقوق الإنسان والحريات العامة وحرية الإعلام، وحق الشهداء والمصابين فى كل مسارات الثورة منذ 25 يناير وحتى الآن.

** تقصد القصاص للشهداء؟

بالقطع، لأن هذا الأمر فى غاية الخطورة ولا يمكن أن نفرط فيه أو نساوم عليه تحت أى مسمى أو أى ظرف مهما ضحينا، والرئيس مرسى أكد على ذلك ونحن أكدنا على هذا وتضمنته الوثيقة.

** هل سيسمح الانقلاب بهذا الحوار؟

نحن لا ننتظر الحصول على موافقتهم، نحن أعلنا للجميع دعوتنا للحوار المجتمعى، وليس شرطا أن يكون الحوار فى اجتماعات مجمعة، فقد تكون اقتراحات عبر البريد الإلكترونى ومواقع التواصل الاجتماعى والندوات وغيرها، ونحن لا نستأذن فى الحرص على مستقبل وطن يجب أن يشارك فيه الجميع.

** هل يمكن الاتصال بقيادى كنسى لحضور الحوار؟

ليس صعبا على التحالف طالما هدفنا مصر، خاصة أن هناك بعض المسيحيين ليسوا راضين عن الوضع الحالى، وهناك بالفعل اتصال مع الأخوة المسيحيين وكثير من أفرادهم حريصون على الوطن.

** أقصد الكنيسة كمؤسسة؟

لم نقرر بعد اتصالا رسميا بالبابا، لكن هناك أفرادا مثل "مسيحيون ضد الانقلاب"، فضلا عن وجود باحثين وسياسيين، والمسيحيون لا يمكن أن نستبعدهم، كونهم قرءوا المشهد الحقيقى ويحبون مصر ويخافون عليها.

** وماذا عن المؤسسة العسكرية؟

ليست مستبعدة طبعا؛ فنحن ندعو كل المؤسسات، المؤسسة القضائية والمؤسسة العسكرية ومؤسسة الأزهر ليس بيننا وبينها خلاف بل نقدر هذه المؤسسات، ولكن خلافنا مع موقف أو رؤية أو خطأ لقيادى أو قياديين داخل هذه المؤسسات، ولذلك خلافنا مع الفريق السيسى فى المؤسسة العسكرية على سبيل المثال أنه كان لا بد أن يحل الأمر بعدة طرق بعيدة عن قتل الشعب والانقلاب عن الشرعية والرئيس ويصبر قليلا حتى يكون هناك حل والرئيس كان قابلا لحلول فى الأيام الأخيرة وفق الشرعية.

وأكد هذا الدكتور أحمد فهمى رئيس مجلس الشورى عندما أعلن أن الرئيس أبدى مرونة فى إجراء انتخابات رئاسية مبكرة أو استفتاء على بقائه، ولكن كان إصرار الرئيس أن يكون هذا عقب انتخابات مجلس النواب حتى لا يحدث فراغ دستورى.

خلافنا مع الفريق السيسى أنه قال إنه ينحاز للشعب المصرى وقام بما قام به من أجل الشعب ونفاجأ أنه سيترشح للرئاسة.

** تلمحون أن الفريق السيسى قام بانقلابه من أجل الكرسى؟

عندما يكون السيسى هو المرشح الرئاسى المحتمل تكون الحقيقة واضحة، أنه انقلب للترشح ويفهم على هذا السياق أن الانقلاب تم لترشيح أحد أفراد المؤسسة العسكرية للرئاسة.

ويكون الانطباع عند كل الشعب الآن أن المجلس العسكرى لم ينحز للثورة كما قال مسبقا، وإنما قام بانقلابه لترشيح أحد أعضائه.

وعندما يتم حبس 15 ألف معارض بتهمة التحريض فى إطار خصومة سياسية والتشويه يفهم للجميع أن من قام بالانقلاب قام من أجل أن يأتى هو ليحكم، ولذا ستبقى الأزمة مع الفريق السيسى ومن أيده فى ذلك وليس مع المؤسسة العسكرية.

وأتمنى من المؤسسة العسكرية أن تراجع نفسها فيما تم من إجراءات وتراجع مواقف قادته فى قتل الشعب المصرى والانقلاب على الشرعية، وأتوقع أن يكون هذا قريبا.

** وماذا بعد هذه المراجعة؟

عندما تراجع الداخلية والحكومة والمؤسسة العسكرية نفسها سوف يعود الحوار حول الأسس المشتركة حتى لو كان من خلال وساطة حتى نصل لمعادلة مشتركة، بعد استبعاد من تلوثت أيدهم بالدماء.

** بذكر الوساطة.. هل تم تشكيل لجنة وساطة تعمل مع المستشار محمود مكى؟

ليس بعد، هو قال إنه لن يبدأ إلا عندما يشعر بجدية من الطرف الآخر.

** وهل أبديتم أنتم له جديتكم؟

أكدنا بالفعل له أننا جادون وملتزمون، ولذلك أخرجنا الأسس والأطر الحاكمة التى يمكن أن نتحرك من خلالها، وطلب منا معرفة المتحدث باسم التحالف حتى لا يقول التحالف شيئا والباقى ينكرها، وقررنا أن يكون رؤساء الأحزاب هم من يشارك فى الحوار إذا بدأت الوساطة؛ حيث لهم تفويض فعلى من أحزابهم التى انتخبتهم، وطلبنا مع بدء الوساطة بمعايير معلنة للشعب حتى لا يقال إننا نبيع أو نفرط أو نجرى صفقات من وراء الشعب المصرى.

وأشير إلى التسريب الأخير الذى جاء عن الشيخ ياسر البرهامى (بخصوص ضمانات للمجلس العسكرى تعاهد بها الدعوة السلفية) يبرئ ساحة الإخوان ويؤكد أنهم لا يتخذون قرارا من خلف الشعب حتى من قبل انتخابات الرئاسة، والشيخ ياسر قال إن الاخوان رفضوا عبر المهندس خيرت الشاطر وقالوا: "لن نجرى شيئا من خلف الشعب".

** هل يوجد فى الطرف الآخر من بدءوا حوارا مع المستشار مكى؟

ليس بعد.

** أليس هناك عقلاء يقدرون الموقف ويمكن أن يتدخلوا؟

هناك فى الوطن عقلاء كثيرون، ولكن ربما ليست هناك أحاديث مباشرة مع المستشار محمود مكى، ولكن هناك حوارات مستمرة بين العقلاء ونحن حتى كتحالف لم نلتق المستشار محمود مكى فى لقاء مباشر حتى الآن.

** هل تتوقع أن ينجح حوار فى ظل ما نراه من حلول أمنية؟

قبل الانقلاب كنا نجتمع كمسئولين فى اجتماعات إدارة الأزمة ويؤكد الجميع أنه لا حل أمنى يجدى ولا بد من الحل السياسى، والموجودون الآن يعلمون أن الحل الأمنى لا فائدة فيه، ورأوا ذلك بأعينهم ولا بد من عودة الحل السياسى، ولا بد من حل لعودة للشرعية واحترام حقوق الشهداء والمصابين وأهداف 25 يناير لأن الشعب المصرى ذاق الحرية ولن يتنازل عنها.

** نعود للوثيقة.. عاب البعض عليكم أنكم لم تذكروا صراحة اسم الرئيس مرسى ولا الدستور ولا مجلس الشورى؟

نحن أعلنا الوثيقة حتى تتضح أسس ومبادئ أى حوار ندخل فيه، ونؤكد فيها على الشرعية الدستورية التى تتضمن الرئيس ومجلس الشورى ومن قبلهم الدستور.

كما أننا لا نملك التنازل عن الرئيس مرسى لأنه شخص منتخب من الشعب، ولا أملك أنا أو غيرى التنازل عن إرادة الشعب، بل إننى أبنى على هذه الإرادة واتخذ إجراء دستوريا وأنا أفكر فى المستقبل.

لذلك نحن متمسكون بالرئيس الذى أصبح رمزًا للشرعية ومجلس الشورى والدستور، كما أننا متمسكون بمجلس الشعب ونحن قلنا فى الوثيقة ذلك وأكدنا على كل الاستحقاقات الانتخابية منذ ثورة يناير.

** أليست مهلة الأسبوعين متزامنة مع بدء الدعوة للاستفتاء على التعديلات الدستورية؟

أنا لا أنتظر استفتاء باطلا، ولا أبنى عليه، فأنا وضعت أسبوعين لكى نبدأ الحوار، لضمان جديته.

** وما المدة المحددة للحوار؟

عندما يبدأ الحوار يمكن تحديد السقف الزمنى لانتهائه.

** قابلتم وفودا غربية.. هل ترى أن مصر تحتاج إلى مبادرتهم؟

مصر تحتاج إلى حل مصرى خالص، وفى لقاءاتنا مع كل الوفود التى طلبت لقاءنا؛ حيث لم نسع للقاء أحد، بعدما شرحنا لهم رؤيتنا أكدنا رفضنا التدخل الخارجى فى الشأن المصرى، وكل ما طرحوه هو تهيئة مناخ، كان هذا من باب حقوق الإنسان وعدم إقصاء طرف سياسى والعودة للمسار الديمقراطى.

حتى إنهم أبلغونا أن الحكومة وعدتهم بتهيئة هذا المناخ ولم تنفذه حتى الآن، حتى أعلنوا أنفسهم أن الحكومة هى من تغلق كل أبواب الحوار.

ونحن بلقائنا بهم نوضح وجهة نظرنا حتى لا يستمع الرأى العام العالمى لوجهة نظر وحيدة من الانقلابيين، وتشوه صورتنا.

** هناك اتهامات لجماعة الإخوان بممارسة العنف فى مصر ضد الانقلاب؟

نحن ندين كل حوادث القتل والتفجيرات التى تشهدها البلاد هذه الأيام، ونعتبرها عدوانا على الحق فى الحياة وعلى النفس التى حرم الله قتلها إلا بالحق.

كما أننا ندين محاولة البعض إلصاق هذه الجرائم النكراء بالإخوان المسلمين، خصوصا من "الإعلام الكاذب" اعتمادا على أن أفواه الإخوان مكممة وقياداتهم مسجونة، وليس هناك من يدافع عنهم خشية الاتهامات الكاذبة الجاهزة بمناصرة الإرهاب.

ونحن نطالب فى الجماعة جهات التحقيق بسرعة إنهاء التحقيقات والكشف عن النتائج وإعلانها على الشعب فى أسرع وقت، ونؤكد أن الجماعة سلمية فى دعوتها وحركتها وعلى رفضها للعنف والإرهاب والقتل والتخريب من منطلق دينى إيمانى، ومن منطلق إنسانى أخلاقى، ومن منطلق وطنى وقانونى.

ورغم أن الإعلام افترى علينا كثيرا بأكاذيب لا حصر لها حتى أبى الله إلا أن يفضحهم، مثلما زعم أننا قمنا بإطلاق النار على المهنئين بحفل الزفاف أمام كنيسة العذراء بالوراق والذى أسفر عن قتل أربعة أشخاص وإصابة ثمانية عشر شخصا، حتى كشف كاهن الكنيسة أن ثلاثة من المصابين هم من الإخوان المسلمين حضروا ليهنئوا جيرانهم من الأقباط.

كما زعم الإعلام أننا حرقنا عددا من كنائس الصعيد ونهبنا محتوياتها، وخرج آباء الكنائس ليؤكدوا أن الذى فعل ذلك هم مجموعات من البلطجية وأنهم اتصلوا بالشرطة وقت وقوع الجرائم لضبط الجناة فلم تستجب لهم، كما زعموا أن الإخوان هم الذين أحرقوا فيلا الصحفى حسنين هيكل، وخرج هو شخصيا ليروج لهذه الأكذوبة، وبعد أيام تم ضبط الجانى وهو من أصحاب السوابق، ولم يكلف الصحفى نفسه بالاعتذار عن كذبه.

هذا غير زعم الإعلام من قبل أن لدى المعتصمين فى رابعة العدوية أسلحة ثقيلة ونسب نبيل فهمى وزير خارجية الانقلاب هذا الكذب لمنظمة العفو الدولية، وخرجت المنظمة على الفور لتكذبه وتكذبهم، كما زعم أن لديهم أسلحة كيماوية من أسلحة الدمار الشامل، وأن هناك كرة أرضية تحت الأرض عند التقاء شارعى الطيران ومصطفى النحاس يتم فيها إخفاء القتلى، ولقد كذب الواقع كل هذه الافتراءات التى تستخف بعقول الناس، لذلك ينبغى ألا نصدق إفتراءات الإعلام بوق السلطة لترسيخ الفساد والاستبداد وتمزيق نسيج المجتمع توطئة لنظام عسكرى دموى.

** وكيف تدار الجماعة الآن فى ظل اعتقال المرشد العام وكثير من أعضاء مكتب الإرشاد ومجلس الشورى العام؟

الإخوان دعوة وروح تسرى فى جسد الأمة، تدعو للقيم العظيمة التى تستمدها من المرجعية الإسلامية، والتى نحتاجها الآن فى مجتمعاتنا، والسياسة جزء من نشاطاتنا، والدور الذى تقوم به الجماعة كروح لا يتأثر بحل جمعية أو تشميع حزب أو اعتقال قيادات.

الشهادة فى فكر الإخوان أسمى أمنية، وهو ما يعنى أننا عندما يسقط شهيد فى سبيل الحرية والوطن وإحقاق الحق، فهو نجح ولم يخسر.

رغم أن معظم القيادات فى السجون، فالموجودون الآن يسيرون على ذات النهج والقيم حتى تعود الجمعية والجماعة، وتخرج القيادات مرة أخرى.

كما أنها حركة تحرر وطنى وإصلاح بالأساس منذ نشأتها ولم تخن قضايا الأمة العادلة منذ الحرب على الاستعمار مرورا بقضية فلسطين وانتهاء بصون إرادة الشعب بعد ٢٥ يناير.

** ولكن الجمعية الآن تم حلها بقرار قضائى؟

القرار صادر من محكمة غير مختصة، ونحن نأخذ الإجراءات القانونية لاستعادتها، وللتأكيد أقول إن دعوة الإخوان لن تموت.

** ولكن هناك اتهامات للجماعة أنها تدار من خارج مصر، وخاصة مكتب لندن؟

الجماعة لا تدار من الخارج، فأعضاء الإخوان يعرفون القيم التى تدار بها الجماعة، وتكيف نفسها على الوضع الجديد، ويعلون بها فوق هذه الروح والمبادئ حتى يسمح المناخ بانتخاب قيادة جديدة.

كما أن التضامن الإسلامى فكرة قديمة مثل الوحدة العربية لا ينبغى أن تتهم بأنها ضد سيادة الدولة ولكن تعميق لعلاقاتنا مع العالم.

** 100 يوم على فض اعتصامى رابعة العدوية والنهضة.. كيف تراه وكيف ترى المحاكمات الدولية؟

رابعة.. علامة ومحطة تاريخية على مجزرة لم تحدث فى تاريخ مصر لا فى الحروب ولا فى السلام ولم نر أمنا يقتل الشعب بهذا الشكل.

ومهما مر 100 يوم أو أكثر، فإن الجرائم لا تسقط بالتقادم، والمحاكمات الدولية اجتهاد من مؤيدى للشرعية قاموا فيه بتوثيق الأدلة ويرفعونها أمام الجهات الدولية التى وقعت مصر عليها اتفاقيات، وإن كنت أتمنى أن أرى الأمر يحتاج فى مصر لجنة تقصى حقائق وعرض أمام القضاء المصرى. كما أن أود التأكيد على أن الانتهاكات التى تحدث يوميا لأبسط حقوق الإنسان، وليس فقط يوم فض الاعتصامات، من الاعتقالات اليومية وقتل المتظاهرين السلميين، وإصدار الأحكام القاسية الجائرة على الشباب النقى الطاهر، واعتقال وقتل الفتيات وكبار السن، والظروف غير الأدمية التى يعيش فى ظلها المعتقلون ويحرمون فيها من أبسط حقوقهم الإنسانية.

كل هذه الجرائم سيحاسب عليها مرتكبوها يوما ما، وهى لن تسقط بالتقادم، ولن يرحم التاريخ مرتكبيها كما لم يرحم مرتكبى جرائم مماثلة حدثت فى مصر وفى شتى أنحاء العالم ولم ينجح مرتكبوها فى الإفلات من العقاب مهما طال الزمن.

كما أنه ما الذى يمنع الحكومة وقيادات الجيش من تطبيق ميثاق الشرف الإعلامى الذى أعلنوه جزءا من خارطة الطريق. هل غلق القنوات والتحريض هو ما يقصدونه؟ أم أن هذا يدل على نموذج ما يريدون.


الحرية والعدالة


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق