الاثنين، 16 سبتمبر 2013

بيان من الإخوان المسلمين


بسم الله الرحمن الرحيم
إلى رجال الانقلاب ومن ساندهم
أفيقوا قبل فوات الأوان

رأى الناس وسمعوا ما جرى من مقاتل عظيمة لآلاف المصريين واعتداءات واعتقالات لآلاف الشرفاء من رجالات هذا الوطن وعلمائه ورموزه الفكرية والعلمية والسياسية وشبابه الناهض، حيث غاب الرشد واستبد الهوى والطيش والحمق بنظام الانقلاب الذي أصر ألا يسمع غير صوته، وألا يرى غير ما يهواه، بل وأن يفرض على الأمة جميعا أن ترى رأيه وتستسلم لنزق بعض رجاله وحمقهم، مرددا بلسان الحال مقالة فرعون (مَا أُرِيكُمْ إلا مَا أَرَى ومَا أَهْدِيكُمْ إلا سَبِيلَ الرَّشَادِ) فغاب صوت العقل، وساد منطق البطش، وعلا صوت البلطجة، وشهدت البلاد أسوأ اغتيال لإرادة الأمة، وأشنع مجزرة في تاريخها، قام بها بكل أسف طائفة من جيشها وشرطتها مدعومين بالبلطجية، وغابت الحكمة تماما أمام دعوات الانتقام والإقصاء والتشويه والاستعداء التي سيقف التاريخ أمامها طويلا.

بل إن سلطة القوة والانقلاب حولت الضحايا جناة والجناة ضحايا، وأحالت إلى جهازها القضائي بشقيه العسكري والمدني مهمة إدانة الضحايا وتبرئة الجناة، في تجاوز كامل وواضح لأبسط قواعد العدالة التي هي مقوم أساسي من مقومات بقاء الأمم واستقرار الدول.

ومن المفارقات العجيبة أن رئيس حكومة الانقلاب الذي سبق أن تقدم باستقالته من حكومة الدكتور عصام شرف بسبب وقوع بعض القتلى على يد الجيش في ماسبيرو هو نفسه يرى أن سقوط آلاف القتلى في فض الاعتصام السلمي وحشية مبررة، مستدلا بما فعلته أمريكا في الحرب العالمية الثانية وفي فيتنام، فيا لله العجب! .

إن هذا الذي يجري في وطننا العزيز الحبيب من تعد فظ على كل الحقوق الإنسانية الطبيعية للمصريين، ومن تسخير فاضح لكل مؤسسات الدولة لتصفية كل من ينتسب للتيار الإسلامي أو من يحرص على الدفاع عن حرية الوطن وكرامة الإنسان، بحيث أصبح جهاز الأمن الوطني مجرد ميليشيا لنظام الانقلاب مهمته إرهاب المخالفين والمعارضين، ولم يجد وزير الداخلية حرجا في أن يعلن عن التواصل الذي يتم بينه وبين كبير البلطجية المحكوم عليه في قضايا بلطجة ويقضي عقوبته في السجن التابع للوزير،

وأصبحت مؤسسات الدولة بإمكانياتها المختلفة مجرد هيئات تابعة لنظام الانقلاب، وأصبحت البلطجة واستخدام الخارجين على القانون سلاحا من أسلحة نظام الانقلاب في معركة الشرعية التي يفترض أن تكون سلمية دستورية قانونية، وأصبح كل معارض لهذا التدمير الفوضوي لمعنى الدولة ومقوماتها خارجا على النظام مستحقا للاستئصال، مما أدى إلى رفض شعبي غير مسبوق؛ إن هذا وكثيرا غيره مما يرصده – بقلق وحسرة - العقلاء الحريصون على هذا الوطن إنما هو هدم لمقومات الدولة، وردة أثيمة إلى عصر القبيلة والعصابة التي تجاوزها العالم المتحضر، وهو انزلاق خطير يخشى أن يؤدي إلى تفكيك الدولة لا سمح الله.

كل ذلك وسدنة الانقلاب يصمون آذانهم عن استماع النصح، فضلا عن الاستجابة له، بعد أن أعماهم الغرور وأسكرتهم القوة، ونسوا أن الظلم والباطل قصير العمر، وأن الشعب قد طلق الخوف إلى غير رجعة، وأن سلميته في ثورته علامة وعي ونضج وقوة لا بسبب ضعف، ونسوا قبل كل ذلك قول الله تعالى (ولا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ) وقول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن الله ليملي للظالم حتى إذا أخذه لم يفلته" ثم تلا قول الله تعالى (وكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إذَا أَخَذَ القُرَى وهِيَ ظَالِمَةٌ إنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ).

وذلك ما عبَّر عنه الحكيم العربي حين أطلق هذا المثل المعبِّر: «لقي ظالم حتفه بظلفه».

وإن أخشى ما يخشاه كل حريص على هذا الوطن أن تكون تلك النهاية التي تنتظر هذا النظام مقدمة لما قد يؤول إليه حال الوطن من تأخر وتراجع، بل من تدمير لبنيته الاجتماعية التي تميز بها على مدار التاريخ، حين يفقد المواطن الشريف ثقته في نيل حقوقه وتحقيق أمنه من خلال مؤسسات الدولة الطبيعية التي أفسدها الانقلاب الغاشم، فيلجأ إلى تحصيل حقوقه بطرق غير مشروعة، فتكون فوضى لا سمح الله.

ولهذا فإننا نرفع أصواتنا وننادي السائرين في طريق الدمار: فأين تذهبون؟ أليس فيكم رجل رشيد؟ ألا تفيقون قبل فوات الأوان؟ ألا تراجعون أنفسكم وتثوبون إلى رشدكم وتحفظون هذا الوطن الذي أعطاكم الكثير؟ ألا تعودون إلى شعبكم معتذرين عما اقترفتم من كبائر وكوارث، وتردون إليه إرادته الحرة، وتعودون إلى ثكناتكم حيث مهمتكم الصحيحة في حراسة الأمة وحماية حدودها؟ ألا يظن أولئك أنهم مبعوثون ليوم عظيم يوم يقوم الناس لرب العالمين؟

اللهم احفظ مصر وشعبها من عبث العابثين ومكر المتآمرين.

الإخوان المسلمون
القاهرة فى : 8 من ذى القعدة 1434هـ الموافق 14 من سبتمبر 2013م


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق