الأحد، 22 سبتمبر 2013

عزة مختار تكتب : فقه الاعتذار وسياسة التبرير


نافذة مصر
اليوم قرأت اعتذارا للدكتور صلاح سلطان ببوابة الحرية والعدالة ، اعتذارا لشعب مصر ومعذرة إلي الله عن الأخطاء الفادحة التي وقع فيها التيار الإسلامي في حق البلاد ، وذكر الدكتور أمثلة علي تلك الأخطاء وأن منها قبول الحوار مع عمر سليمان والجلوس معه علي مائدة مفاوضات وترك الميادين ، أيضا اختيار خط الإصلاح التدريجي في البلاد عن الحل الثوري ، وتلك جرأة من الدكتور في الحق نحييه عليها .
سعدت حقا حين قرأت المقال ، وتوقعت أن يقوم ببعض المبرراتية المعروفين بنقد المقال أو نقد الدكتور ، أو البحث عن تبرير لتلك الأخطاء ، أو حتى نسب الكلام للدكتور صلاح نفسه وبأنه متحدثا عن نفسه غير معبرا عن الجماعة أو الحزب
توقعت بعض هذا ، لكن الحقيقة لم أتوقع أن يتم حذف المقال كلية من البوابة ، مما جعلني أتساءل ، ألا يستحق الشعب المصري بعد الثمن الرهيب الذي دفعه فضلا عن جماعة الإخوان المسلمين ذاتها بكل فئاتها من شباب ونساء ورجال ؟ ألا يستحق الثوار اعتذارا واعترافا بوقوع أخطاء اعترفت بها المؤسسة الرئاسية نفسها حين أيقنت بوقوع الواقعة ؟ لاثم لماذا الاستنكاف عن الاعتذار والاعتراف بالخطأ وهو نصف الحل ، وهو إقرار ضمني بعدم تكرار الوقوع في نفس الخطأ .
إن فقه الاعتذار هو فقه الكبار ، الذين يجدر بهم التصدي لتحمل المسئولية في وقت الأزمات وأوقات الضيق والمحن التي تمر بها الأمم الناهضة ، لا يضيرك أن تعتذر عن خطأ اقترفته ، فكل بني آدم خطاء وخير الخطائين التوابون ، بل يعلي من قيمتك ومصداقيتك أمام من أنت مسئولا عنهم وأنك جدير بالمسئولية التي تحملها وقادر علي التصدي والاستعانة بالمخلصين في سبيل إتمام الواجب علي أكمل وجه ، وقد فعلها الدكتور مرسي فك الله أسره وأعاده إلي الأمة سالما في آخر خطاب له حين استحكمت حلقة المؤامرة ، المؤامرة التي تركنا لها الفرصة من البداية كي تكبر وتترعرع تحت سمعنا وبصرنا ، إعلام كاذب ومدع ومثير للفتن ونحن نمد له الحبال ونتسامح ولا نحاسب ولا نصارح الشعب بالحقائق من اليوم الأول حتى لو اضطررنا وقتها للتخلي عن جزء من المسئولية الجسيمة التي تحملناها لنحصد فساد ستين عاما متجذرة في باطن الأرض وظاهرها .
ثم قضاء ـ شامخ ـ شموخ الجبال في تخطيه لكل حدود العقل من العمالة والخروج علي الشرعية وتحري المفسدة الأخلاقية ومصلحة البلاد والعباد
ثم جهاز شرطة يعمل لصالح نظام الفساد لم يتم تغييره ولا الاقتراب منه بحجة الإصلاح المتدرج ، وقد نسينا إن الإصلاح المتدرج لا يأتي أبدا ولا يجوز أن يكون بعد ثورات جاءت لتطهر وتزيح وتحاسب جميع من تسببوا في أي مفسدة في البلاد .

إن تاريخ الثورات يقول أن سياسة الإصلاح المتدرج يقتل أي ثورة ويجعلها تنقلب علي أهلها فيكونوا أول من يصطلي بنار الانتقام من الشعب المتعطش للتغيير السريع بعد فترات معاناة طويلة لا تقوم الثورة عادة إلا بعدها
أما لغة الصبر والتبرير فلا تعرفها الشعوب ويكون أول من يخرجون عليه هو من يده بحركة الإصلاح تلك ، ولسوف يحمل فوق ظهره أوزار من سبقوه كلها .
أما أولئك المبررون ، فعذرا هم سبب البلاء كله ، وقد آن أوان صمتهم ولو قليلا حتى نعبر تلك المرحلة الحرجة التي يمر بها الوطن .
آن لهم أن يفسحوا المجال قليلا للمخلصين ـ ولست أنفي عنهم صفة الإخلاص ـ أن يعلموا ويصلحوا وينقذوا ما يمكن إنقاذه قبل فوات الأوان .
لتكن ثورتنا التصحيحية تلك درسا قاسيا وعميقا لتصحيح المسار ، فاعتراف بالخطأ خلق الكبار ، وسياسة التبرير لم يعد هذا وقتها ، اقرءوا الواقع جيدا ، وافقهوا التاريخ جيدا قبل أن تدوسكم أقدام الثائرين ..



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق