الاثنين، 4 نوفمبر 2013

"يوميات سجين" احمد سبيع يكتب من محبسه : نصاب ومنصوب عليه


احمد سبيع يكتب من محبسه : نصاب ومنصوب عليه

هو شاب فى نهاية العقد الثانى من عمره ويزحف نحو بداية الثلاثينيات بدأ حياته مثل غيره من أبناء الشعب المصرى وسط أسرة متوسطة الحال أو إن جاز التعبير أقل من المتوسطة بدرجة ، اجتهد والده لكى يضمن له وظيفة تدر عليه دخلا مضمونا يبدأ به حياته ، فالتحق بإحدى الجهات السيادية ولكن راتبه الذى لم يكن يتجاوزالسبعمائة جنيه بكل المكافآت والبدلات الممكنة لم يكن يشجع على أن يبدأ به حياة عائلية جديدة تتطلب شقة بنظام الإيجار الجديد سوف تلتهم وحدها ما يربو على 80% من راتبه ولذلك لجأ الى الاستقالة والبحث عن وظيفة أخرى تستطيع أن تسد احتياجاته وكفالة أسرته الجديدة التى تتكون من زوجة وثلاثة بنات .
وبالفعل عمل سائقا على سيارة أجرة ثم أراد أن يحسن من دخله فانتقل إلى سيارة ميكروباص ورغم ارهاق العمل الجديد إلا أنه وجد فيه ضالته وشعر أنه سوف يضع أقدامه على أول طريق الاستقرار، ومع كل جنيه يدخل فى جيبه كان الشاب يحلم باليوم الذى يمتلك فيه سيارة خاصة به تدر عليه عائدا أفضل يواجه به مصاعب الحياة ، وإلى هنا كان الوضع مستقرا وكانت الأحلام والآمال ممكنة حتى وقعت أحداث 30 يونيو وفرض حظر التجوال الذى قلص بالطبع من ساعات العمل وبالتالى عدد الأدوار التى يقوم بها فى اليوم ليقل دخله إلى أقل من النصف وتعود نفس المشكلة والأزمة التى كان يعانيها هذ الشاب فى السابق لأن ما يأتى من هذا العمل ربما لا يكفى من الاساس ايجار الشقة وأقل متطلبات الحياة .
ولعل هذا كان المدخل إلى ما هو فيه الآن حيث التقى بصديق قديم تغيرت أحواله وتبدلت حياته وأصبح من أصحاب الأملاك والسيارات ، وبعد أن كان يجلس على المقاهى التى كان يجلس عليها تحول إلى صاحب أفخم المقاهى فى أرقى أحياء القاهرة .
هذا الصديق القديم الذى ظهر على سطح الأحداث وجد فى ( سامح صلاح ) غايته التى ينشدها ووجد فى ضائقته المالية مدخلا رائعا لكى يلقى عليه بشباكه فهو من وجهة نظره فريسة سهلة لن ترهقه كثيرا فى اصطيادها .
فى البداية اغراه بالحياة الفخمة والنقلة النوعية فى حياته إن سلك مسلكه وسار فى دربه ، وبعد اغراءات كثيرة تمثلت فى وعود برّاقة طامحة كانت البداية التى توقفت عندها أيضا النهاية ولكنها نهاية لسامح وليس للصديق القديم .
البداية كانت فى اقناع سامح بمهمته الجديدة ونظام عمله المختلف ، فالقضية لن تعدو عن عملية شراء من أحد المحال الكبرى للهواتف المحمولة وأجهزة الكمبيوتر مقابل نسبة 10% للمشترى الذى حصل من صديقه على بطاقات فيزا قال له انها سليمة وسوف تدخله نادى رجال الأعمال .
ولأن سامح ليس من أصحاب المؤهلات العليا ولأنه أيضا لم يمتلك فى حياته مثل هذه الأنواع من الكروت الذكية فلم يستطيع أن يفرق هل هذه الفيزا سليمة أم مزورة حتى كانت العملية الأولى ثم الثانية التى كانت الأخيرة أيضا عندما اكتشف أن البطاقة التى تحمل اسمه وصورته مزورة وقبل أن يكتشف ذلك اكتشف أن صاحبه وصديقه القديم فرّ هاربا ليتركه إلى مصير مجهول تحت عنوان نصاب ومزور .
سامح يعترف بخطأه ويقر أنه ارتكب ذنب يستحق العقاب ولكنه عقاب ربما يكون سببا فى دمار بيت وأسرة سعى منذ اليوم الأول لبناءها بالشكل الذى تكون نواة صالحة فى المجتمع .
القضية ليست فى سامح وما يمكن أن يناله من عقاب ولكن فى هذا الهارب الذى سوف يجد سامح ثانى وثالث ورابع ، نعم القانون قانون ولكن هناك روح لهذا القانون هى التى تهدى بصيرة القاضى عندما يكتشف أن هذا الشخص الذى يحاكم أمامه بتهمة النصب والتزوير هو نفسه ضحية للنصب والتزوير .


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق